
ملخّص فعاليات الجلسة العامة المشتركة ليوم الخميس 13 نوفمبر 2025
– مهمة أملاك الدولة والشؤون العقارية –
استأنفت الجلسة العامة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، صباح اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025، أشغالها برئاسة السيّد إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، وبحضور السيّد عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم والسيّد وجدي الهذيلي وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية والوفد المرافق له وتضمّن جدول الأعمال عرض ومناقشة مهمة أملاك الدولة والشؤون العقارية من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026.
وفي مستهلّ الجلسة، عبّر السيد إبراهيم بودربالة، رئيس مجلس نوّاب الشعب، عن تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، باعتبارها من أبرز الوزارات المكلّفة بمهامّ كبرى تتعلّق بالإشراف على الأملاك العمومية والخاصة للدولة وضمان حسن التصرف فيها طبقًا للتشريع والتراتيب الجاري بها العمل.
وأشار إلى أنّ الأنظار تتجه نحو هذه الوزارة نظراً لجسامة مسؤولياتها، إذ يُنتظر منها أن تُسهم في تسوية الإشكاليات العقارية وتذليل الصعوبات أمام إنجاز المشاريع التنموية في مختلف الجهات، وأن تعمل على تعبئة العقارات اللازمة لإنجاز المشاريع ذات المصلحة الوطنية، بما يدعم الاستثمار العمومي والخاص على حدّ السواء.
وثمّن رئيس المجلس الجهود المبذولة من قبل كافة منتسبي الوزارة في سبيل تحديد وضبط وحماية ملك الدولة العام والخاص، وفي الحرص على صون الثروة العقارية الوطنية من الضياع والإهمال والاستغلال غير الشرعي. ودعا في هذا السياق إلى مزيد توظيف الرصيد العقاري للدولة التوظيف الأمثل بما يجعله رافدًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإلى ضمان ملاءمة الموارد العقارية مع متطلبات المشاريع الوطنية بما يساهم في دفع التنمية الشاملة والعادلة والمتوازنة في جميع مناطق البلاد.
كما أكّد أنّ المسؤوليات الملقاة على عاتق هذه الوزارة جسيمة، بالنظر إلى ما يتّسم به الملف العقاري من إشكاليات وتعقيدات متشعّبة، وهو ما يستدعي إصلاحات هيكلية وتشريعية عميقة تيسّر تسوية الوضعيات العقارية ضمن الأطر القانونية السليمة، بعيدًا عن كلّ أشكال سوء التصرّف، بما يوفّر أفضل الظروف لإنجاز المشاريع التنموية والبنية الأساسية والتجهيزات الجماعية، ويُمهّد لنجاح البرامج التي سيقع إقرارها ضمن مخطط التنمية.
واختتم رئيس المجلس كلمته بالتأكيد على أنّ الوظيفة التشريعية بمجلسيها تُعبّر عن استعدادها التامّ لدعم جهود الوزارة والمساهمة الفعلية في تذليل الصعوبات ذات البعد التشريعي، وفي بلورة الآليات الكفيلة بجعل تدخلات الوزارة وهياكلها أكثر نجاعة ومردودية، بما يجعل من القطاع العقاري رافعة حقيقية للاستثمار ودعامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ثمّ تولّت كلّ من لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب ولجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم عرض تقريرهما المشترك حول مهمة أملاك الدولة والشؤون العقارية.
ثمّ فتح باب النقاش العام، حيث تمحورت تدخّلات النواب حول المحاور التالية:
الدعوة إلى تسوية وضعية المتصرفين في الأراضي الدولية ذات الصبغة الفلاحية بما يضمن استقرارهم القانوني ويشجعهم على الاستثمار والإنتاج.
ضرورة تسوية الوضعيات العقارية للمباني المقامة على الأراضي الفلاحية لتمكين أصحابها من الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء وشبكات التطهير.
المطالبة بـتسوية الوضعيات العقارية للمساكن المقامة على الأراضي الدولية وتمكين أصحابها من حقوقهم القانونية.
الدعوة إلى فتح تحقيق في الاعتداءات على أملاك الدولة والتصدي للبناءات المقامة عشوائيا على الأراضي الدولية.
الدعوة إلى تطبيق القانون بعدل وشفافية على جميع المستغلين للأراضي الدولية، بما يضمن المساواة في المعاملة واحترام الملك العام.
الدعوة إلى مراجعة كراسات الشروط المتعلقة بإسناد شركات الإحياء وضمان توزيعها العادل على الشباب الراغبين في العمل الفلاحي المنتج والمستدام.
الدعوة إلى تسوية أملاك الأجانب والإسراع في تصفيتها وإدماجها ضمن الرصيد العقاري للدولة.
ضرورة تهيئة الشريط الساحلي وتحديد الملك العمومي البحري لحمايته من الاستغلال العشوائي.
الدعوة إلى إقرار المسح العقاري الشامل والإجباري كآلية لضبط الملكيات وتثبيت الحقوق.
التشديد على أهمية حوكمة استغلال الرصيد العقاري للدولة وضمان حسن توظيفه في خدمة التنمية.
المطالبة برقمنة منظومة التصرف في أملاك الدولة ونشر الخارطة الرقمية لضمان الشفافية وحوكمة التصرف في الرصيد العقاري الوطني.
المطالبة بتسوية وضعية استغلال أراضي فلاحية على ملك الدولة عبر التفويت فيها لصالح مستغليها.
المطالبة بـتنقيح مجلة أملاك الدولة وتحديث النصوص القانونية بما يتلاءم مع حاجيات المرحلة الراهنة.
إثارة ملفات ومسائل ذات طابع جهوي ومحلي.
وتولّى السيّد وجدي الهذيلي وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، عقب النقاش العام، تقديم بيانات وتوضيحات تفاعلا مع تدخلات النواب، أبرز من خلالها الجهود المبذولة في مجال التصرف في أملاك الدولة وحمايتها، مبيّنا أنّ الوزارة تتولّى ضبط الأملاك العامة والخاصة والتصرّف فيها وحمايتها، في حين تخضع بعض الأصناف لإشراف وزارات أخرى مثل وزارة الفلاحة بالنسبة للملك الغابي ووزارة البيئة بالنسبة للملك العمومي البحري. وأوضح أنّ ملك الدولة الخاص يشمل العقارات الفلاحية وغير الفلاحية، حيث تتولى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية الإشراف المباشر على العقارات غير الفلاحية، بينما يدير ديوان الأراضي الدولية أكثر من 164 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية والممتلكات المسترجعة، وذلك بالتنسيق مع وزارة الفلاحة لتسريع إعادة توظيفها. كما ذكّر الوزير بأهمية قانون 1995 الذي منع التفويت في عقارات الدولة والذي لايزال ساري المفعول، وأنّ بعض الحالات السابقة له تمت تسويتها بمقتضى الأمر 1870.
وفيما يتعلّق بتوفير العقارات لفائدة المشاريع العمومية ذات الطابع الاجتماعي، أكّد السيد وجدي الهذيلي أنّ الوزارة تضع أملاك الدولة على ذمّة هذه المشاريع بالدينار الرمزي، وقد شملت عمليات التفويت مناطق صناعية بمساحة 400 هكتار، ومشاريع للبنية التحتية كـالطريق السيارة تونس–جلمة، إضافة إلى 4500 هكتار لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز لإنجاز مشاريع الطاقة المتجددة في كل من ولايات سيدي بوزيد وتطاوين وقفصة والقيروان. كما تمّ تخصيص 18 هكتارًا لمستشفى الملك سلمان و550 هكتارًا لإحداث المدينة الطبية بالقيروان.
وفي إطار تسوية وضعيات التجمعات السكنية القديمة، أوضح الوزير أنّ هناك 1200 تجمع سكني مشمول بعملية التسوية وفق شروط دقيقة، وأنّ 55% من هذه التجمعات أقيمت على أراضٍ فلاحية، وقد تمّ تجاوز هذا الإشكال بإقرار إلغاء الصبغة الفلاحية تلقائيًا كلّما تبيّن وجود تجمّع سكني، في خطوة تهدف إلى تحسين ظروف العيش وتمكين المواطنين من النفاذ إلى المرافق والخدمات الأساسية.
وأوضح وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، أنّ معالجة وضعيات التجمّعات السكنية تواجه صعوبات مرتبطة بتعارضها مع مقتضيات مجلة التهيئة الترابية والعمرانية، مشيرًا إلى أنّ الحلّ العملي المقترح يتمثل في المرور عبر الولاية بدل اللجنة الفنية، باعتبار أنّ هذه الأخيرة ملزمة بتطبيق أحكام المجلة حرفيًا، وهو ما يعطّل أحيانًا تسوية الأوضاع الميدانية.
وفيما يتعلّق بـــأملاك الأجانب، أكّد الوزير أنّها عادت إلى الدولة التونسية بموجب اتفاقيات مبرمة بين الحكومتين التونسية والفرنسية، وأنّ المستغلّين الحاليين لهذه الأملاك يتمتّعون بالأولوية في اقتنائها في حال توفرت فيهم الشروط. وأفاد بأنّه من جملة 7200 عقار على ملك الأجانب، تمّت تسوية وضعية حوالي 4000 منها.
وفي سياق آخر، ذكّر الوزير بأنّ قرارات المصادرة شملت 2857 ملفًا تضمّ منقولات وعقارات وأرصدة بنكية، وأضاف أنّه يجري حاليًا إعداد مرسوم على مستوى رئاسة الحكومة يهدف إلى توحيد جميع أعمال المصادرة وتنظيمها في إطار قانوني واضح ومتكامل، بما يضمن الشفافية ويُحكم التصرف في هذه الأملاك وبما يخدم المصلحة الوطنية.
وأوضح وجود اختلاف جوهري بين تسجيل الملكية لدى القباضة المالية وتسجيلها في المحكمة العقارية. مضيفا أن الوزارة تعمل حاليًا على تسجيل عقارات الدولة بهدف حمايتها من الحيازة الموجبة للملكية. ويوجد ما يقارب 11500 عقار على ملك الدولة غير مسجّل، ولا يمكن تقديم طلبات تسجيل أملاك الدولة إلا عن طريق مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة. وأضاف الوزير أن العمل مستمر لتعزيز هذه المؤسسة وتطوير مهامها لضمان فعالية الدفاع عن حقوق الدولة وصونها. وقد تم الشروع في انتداب 30 مستشار مقرّر لنزاعات الدولة.
وأشار إلى أنّ مشروع الخارطة الرقمية للعقارات الدولية يمثل نقلة نوعية في مسار رقمنة التصرف في أملاك الدولة، وهو مشروع بصدد الإنجاز بالتنسيق مع وزارة تكنولوجيات الاتصال وديوان قيس الأراضي والمسح العقاري والمركز الوطني للاستشعار عن بعد، وسيمكّن المستثمرين والجهات العمومية من الاطلاع المباشر على وضعية العقارات، والتثبت من خلوّها من النزاعات قبل برمجة المشاريع عليها، مؤكّدًا أنّ هذا المشروع سيُحدث تحوّلاً جذريًا في طريقة إدارة الرصيد العقاري للدولة.
وأشار إلى أنّ الوزارة انطلقت فعليًا في مشروع الجرد الوطني للعقارات، الهادف إلى تحيين سجلات أملاك الدولة ورقمتنها من خلال بطاقات وصفية تتضمّن المعطيات القانونية والفنية للعقارات، بما يعزّز الشفافية ويمكّن من متابعة العقار على امتداد مختلف مراحل استغلاله.
وفيما يتعلق بـمجلة أملاك الدولة، أشار وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية إلى ضرورة مراجعة النصوص القانونية المنظمة لأملاك الدولة، إذ أن الإطار القانوني الحالي لا يوفر حماية كافية، لا سيما وأن وزير أملاك الدولة لا يملك صلاحيات الضابطة العدلية. وأكد وجود عدد من الإشكاليات في قانون الأراضي الاشتراكية، وقد قدمت الوزارة مقترحًا يرتكز على حل هذه الإشكاليات من خلال تحكيم القضاء، ممثلاً في المحكمة العقارية التي تحتاج كذلك إلى دعم إضافي.

